كن في الدنيا حثيث الخطى شريف السماع كريم النظر .. كن رجلا إن أتوا بعده يقولوا مر وهذا الأثر

الخميس، 24 ديسمبر 2009

دروس مستفادة من رحلة الهجرة 1

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين والله أكبر ولله الحمد ... وبعد ..

تمر بنا عما قريب ذكرى هجرة النبي (ص) المباركة هذا الحدث الذي غير وجه التاريخ والذي كان إيذانا ببدأ مرحلة جديدة حيث تبدأ الأمة الإسلامية بتسلم راية الهداية ووتخذ وضعيتها بين الأمم كأمة شاهدة من قبل المولى تبارك وتعالى وتتعلم كيف تؤدي هذا الدور وما يتطلبه من إيمان ثابت وتضحية عزيزة وجهاد طويل وتتربى على عوامل الخيرية التي خصها الله بها " كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتأمنون بالله .. "

وهذه الرحلة بملامحها البسيطة وتخطيطها المتقن والعناية الإلاهية التي حاطتها أولا عن آخر تحمل دروسا عدة وفوائد جمة نتناول طرفا منها في هذا المقال ..

1 . وطن الداعية حيث مصلحة الدعوة .. لماذا الهجرة ؟!

إن الهجرة في سبيل الله سنة قديمة، ولم تكن هجرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بدعا في حياة الرسل لنصرة عقائدهم، فلئن كان قد هاجر من وطنه ومسقط رأسه من أجل الدعوة حفاظاً عليها وإيجاد بيئة خصبة تتقبلها وتستجيب لها، وتذود عنها، فقد هاجر عدد من إخوانه من الأنبياء قبله من أوطانهم لنفس الأسباب التي دعت نبينا للهجرة.

وذلك أن بقاء الدعوة في أرض قاحلة لا يخدمها بل يعوق مسارها ويشل حركتها، وقد يعرضها للانكماش داخل أضيق الدوائر، وقد قص علينا القرآن الكريم نماذج من هجرات الرسل وأتباعهم من الأمم الماضية لتبدو لنا في وضوح سنة من سنن الله في شأن الدعوات، يأخذ بها كل مؤمن من بعدهم إذا حيل بينه وبين إيمانه وعزته، واستخف بكيانه ووجوده واعتدى على مروءته وكرامته

وما أحوجنا شباب الحركة الإسلامية اليوم أن نفقه هذا الدرس ونحن نعمل لله عز وجل إن الأخ أحيانا يتبرم إذا وظف في عمل أو أختير لمهمة لا يحبها أو يجد في نفسه أنه أنسب في مهمة أخرى ويخرج به هذا إلى الرفض أو إلى الأداء الذي لا روح فيه

يقول الشيخ الغزالي : إن الرجال الذين تنبع سعادتهم من قلوبهم ويرتبطون أمام ضمائرهم بمبادئهم لا يكرمون بيئة بعينها إلا أن تكون صدى لما يرون ..

وهنا أجد موقف ضمرة بن جندب الشيخ الذي جاوز السن يسمع وهو بمكة لم يهاجر قول الله عز وجل : " إن الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وسائت مصيرا . إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا " النساء

فقال لبنيه احملوني فإني لست من المستضعفين وإني لبأهتدي إلى الطريق والله لا أبيتن الليلة بمكة فحملوه على سرير فمات بالتنعيم .. ولما أدركه الموت أخذ بصفقة يمينه على شماله ثم قال : اللهم هذه لك وهذه لرسولك أبايعك على ما بايعك عليه رسولك (ص)

فلما بلغ ذلك الصحابة قالوا : لو توفي بالمدينة لكان أتم أجره فنزل قول الله عز وجل : " ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا وسعة ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع اجره على الله وكان الله غفورا رحيما "

إن موقف ضمرة لم يعقب عليه القرآن بهذه المباشرة والصراحة إلا لأنه صاحب شعور مرهف يدرك به أنه هو المخاطب بآيات الله وكأنها لم تنزل لغيره وكأنه ليس له عذر وهو الطاعن في السن الذي لا يحتمل السفر ولكنه إدراك المؤمن وشعوره بانتماءه لهذا الدين ..

هناك تعليق واحد:

رحمة القطانى يقول...

بارك الله فيك يادكتور محمد يارب يجزيك بالجنة انت وكل الامة الاسلامية اكيد استفادنا كتير من كلامك