كن في الدنيا حثيث الخطى شريف السماع كريم النظر .. كن رجلا إن أتوا بعده يقولوا مر وهذا الأثر

السبت، 19 ديسمبر 2009

تعقيب على كثرة الحديث عن موضوع مكتب الإرشاد على ألسنة شباب المنتديات

نص تعقيب نشرته على منتدى شباب الإخوان على كثرة تداول موضوع مكتب الإرشاد بدون وعي على ألسنة الشباب
بسم الله الرحمن الرحيم ..
أخواني رواد المنتدى
للوهلة الأولى يظن من يدخل المنتدى أنه أمام طاقات من الشباب تفجر على صفحات هذا المنتدى وأصحاب رؤى عميقة لم تدع شاردة ولا وارده إلا تناولتها بالنقد والتقييم
وليس هذا ما آلت الأمور إليه !!

بداية أحب أن أقول
وأقتبس هنا من كلام الأستاذ عمر التلمساني رحمه الله

" إن أمرنا - أمر الدعوة - يفهم من خلال قضيتين : رؤية الحق وأن يرزقنا الله اتباعه , إن دارنا أيها الإخوان دار عبادة وعمل وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وتهذيب وتعليم وليست دار فلاسفة يتجادلون ولا شعراء بضاعنهم اللسان ..
لذلك عرفنا يقول بتأكيد أساسيات العمل من :
1 . الطاعة التامة
2 . إلتزام النظام والخطة والمنهج
3 . عدم الالتفات عن التسلسل المرجعي
4 . عدم التقدم بين يدي المتقدمين
وإن تربيتنا تقوم على تعميق أساسيات الإيمان من :
1 . ترسيخ العلاقات الأخوية
2 . تعمير القلوب
3 . وصون اللسان
نطرح الحسد .. ونقيم التكافل
نخرج من ضيق القبلية والإقليمية والشعوبية إلى سعة التعارف ورحاب العمل المنتشر في الآفاق
نضع مشاعر الجاهلية تحت أقدامنا ونلبي أمر الزنجي الأسود إذا كان هو الأعلم الأكفأ
توجهنا إيماني ..
وشعورنا أخوي ..
وشرطنا إسلامي ..
لا نعرف الضغينة , ولا نسمح بالغيبة ....
"

ومن ثم يعقب الراشد على كلام الأستاذ رحمه الله فيقول متسائلا مستنكرا : " كم موسوعة يا ترى يمكن أن يؤلفها فضول الكلام الذي قيل أثناء الخلاف وكم ساعة عمل ضائعة هدرها الوقت المستهلك في استنباط الظنون "

إن قضية المرشد ومكتب الإرشاد قضية اخترعها الأمن لا أقول على غير أساس ولكن على أساس لا يبنى عليه ما تطرق إليه الإعلام والأقلام
وإنه من السذاجة أن نشارك فيها في غيبة عن مرجعيتنا ونتداول لقطات من جرائد مدفوعة تنقل ما لا أصل له وإلا فمن هو المصدر في مكتب الإرشاد الذي يتحدث مع عبدالمنعم محمود دوما مفصحا عن أسرار الجماعة كما يدعي ويحرص على عدم ذكر اسمه ؟؟!!..
ومن المصادر المطلعة في مجلس شورى الجماعة ؟!
ومن صاحب التسريبات الإعلامية ؟!

إنني أقول ومن واقع ممارسة فعلية لآليات الشورى داخل الجماعة أن هذا محض وهم نسجته أخيلة مريضة تريد أن تتشفى أو يكون لها صوت ولو قرع جرس ..

أيها الإخوان من رواد المنتدى أريد وقفة مع كلام الأستاذ التلمساني رحمه الله .. نريد أن نستحضر دوما معانيه التي حرص أن نحفظها عنه
لسنا فلاسفة يتجادلون ولا شعراء بضاعتهم اللسان
لا نعرف الضغينة ولا نسمح بالغيبة
أساس تربيتنا الإيمانية تعمير القلوب وصون اللسان
لن نلتفت عن التسلسل المرجعي وحاش أن نتقدم بين يدي المتقدمين

أعدكم وكلي ثقة في دعوتنا أن الأيام ستفصح قريبا عن خبرها وعن حقائق ستضع كل منا أمام نفسه مبصرا حقيقة فكره ومدى ولائه وفهمه
والفتنة إذا أقبلت عرفها كل عالم وإذا أدبرت عرفها كل جاهل

ليس طعنا في أحد فالكل محترم

ولكن وضعا للنقاط فوق الحروف و تنفيسا عن حمل ثقيل جثم على صدري نفثت هذه السطور بعضا منه

أسأل الله أن يرينا الحق حقا وأن يرزقنا اتباعه وأن يرينا الباطل باطلا وأن يرزقنا اجتنابه

وأقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم

http://shababelikhwan.net/ib/index.php?showtopic=9439

د. محمد النعناعي



الاثنين، 14 ديسمبر 2009

الشورى ممارسة إيمانية .. الجزء الثالث

آداب ممارسة الشورى 3

3- حسن الظن ..

أحيانا قد يقع الأخ في أثناء تأويل الإختلاف في الرأي إلى مواقف سابقة بينه وبين صاحب الرأي المخالف أو مواقف للأخ المخالف كان قد أصاب أو أخطأ فيها فيأول موقفه الآخر إعتمادا على هذا الظن وهو أشبه بقول القائل إن تنحية عمر لخالد رضي الله عنهما كان لموقف كان بينهما في الجاهلية وهو تفكير مغلوطوسوء ظن لا يليق بأصحاب الدعوات ..

لذلك كثرت النصوص التي تحذر من سوء الظن :

يقو ل الله عز وجل : " يا أيّها الذين آمنوا اجتنِبوا كثيراً مِن الظنِّ إنَّ بعْض الظنِّ إثمٌ "

والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: " إيّاكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث [متفق عليه] ..

وفي سورة النور يصف القرآن موقف أبو أيوب الأنصاري وزوجته أم أيوب روى ابن إسحاق: أن أبا أيوب قالت له امرأته أم أيوب : يا أبا أيوب أما تسمع ما يقول الناس في عائشة - رضي الله عنها ? – قال : نعم . وذلك الكذب أكنت فاعلة ذلك يا أم أيوب ? قالت: لا والله ما كنت لأفعله قال : فعائشة والله خير منك . . وفي رواية أن أبا أيوب الأنصاري قال لأم أيوب: ألا ترين ما يقال ? فقالت: لو كنت بدل صفوان أكنت تظن بحرمة رسول الله [ ص ] سوءا ? قال:لا . قالت: ولو كنت أنا بدل عائشة - رضي الله عنها - ما خنت رسول الله [ ص ] فعائشة خير مني , وصفوان خير منك ..

فينزل القرآن مؤكدا على موقف أبو أيوب وزوجته وجعل هذه الممارسة أصلا معتبرا " لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين " ولاحظ معي هنا كلمة [ أنفسهم ] فالسبيل الأول لتناول أي قضية مطروحة هو إنزال الآخر منك منزلة نفسك ثم تقول لو كنت بدل فلان هل كنت أقول ما أقول لكذا وكذا مما لا يصح , فحسن ظنك بأخيك بعض حسن ظنك بنفسك ..

ولشيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى نصا رائعا يوضح عظم هذه القيمة واعتبارها حتى في أصول الحكم والفتوى يقول:[ ما ثبت قبحه من البدع وغير البدع من المنهي عنه في الكتاب والسنة ، أو المخالف للكتاب والسنة إذا صدر عن شخص من الأشخاص، فقد يكون على وجه يعذر فيه ، لاجتهاد أو تقليد يعذر فيه، وإما لعدم قدرته ..].

ويروى أن إمرأة دخلت على الشافعي في مرضه فقالت : قوى الله ضعفك يا إمام ..فقال الشافعي : " اللهم بقلبها لا بلسانها فقالت والله ما أردت إلا خيرا فقال : صدقت ولو كان غير ذلك لتأولته لك ..

فحسن الظن هو بمثابة الحياة لممارسة الشورى ومن غيرها تكون الشورى ميتة لا حياة فيها ولا غناء ..

4- التجرد من حظ النفس واتباع الهوى

التجرد من الشيء الخلوص منه وهو المقصود اللغوي من معنى التجرد وهو عين المقصود هنا وإذا كانت الأخوة روح الممارسة الإيمانية للشورى وصبغتها طيب القول وحياتها حسن الظن فلابد أن تكون غايتها هي الله عز وجل

في أحد روايات السيرة في موقف مصعب بن عمير وقد جاءه أسيد ابن حضير معترضا قال له أسعد بن زراره : يا مصعب هذا سيد من وراءه قومه فأخرج حظ نفسك من نفسك وأدعه "

كلمات رائعة توضح فقه هذا الصحابي الجليل وهو من أصحاب البيعة ومدى وعيه لهذه القيمة حتى في ممارسة الدعوة وإذا كانت كذلك فحاجتنا إليها في ممارسة الشورى أكبر وأعظم

وللإمام الغزالي كلمة تصلح قانونا لممارسة الشورى من هذه الزاوية يقول : الداعية الصادق في طلب الحق كناشد الضالة لا يبالي بيده أم بيد غيره فاءت إليه ..

وهو مذهب الإمام علي وكل ما يقلقه على ممارسات الأمة من بعده فيقول رضي الله عنه : إن أخوف ما أخاف عليكم طول الأمل واتباع الهوى فطول الأمل ينسي الآخرة واتباع الهوى يبعد عن الحق .

يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله وبها أختم كلامي حول معنى الشورى : [ ليس الذي يثير النزاع هو إختلاف وجهات النظر إنما هو الهوى الذي يجعل كل صاحب وجهة نظر يصر عليها مهما تبين له وجه الحق في غيرها وإنما هو وضع الذات في كفة ووضع الحق في كفة وترجيح الذات على الحق ابتداءً ]

إخواني بهذا أكون قد بينت ما سعيت إليه منذ بداية حديثي إليكم حول الشورى كممارسة إيمانية ويبقى أن نستعين بالله عز وجل ونتجه إليه مخلصين داعين أن يوفقنا لهذه الممارسة الأجورة المثابة والتي تنقلنا إلى حيز قول الله عز وجل " ولسوف يرضى "

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ..

وأسعد بتعليقكم

د. محمد النعناعي

الشورى ممارسة إيمانية .. الجزء الثالث

آداب ممارسة الشورى 2

طيب القول ..

من الآداب الهامة في ممارسة الشورى طيب القول أو إن شئت قلت من أحد أهم المعوقات التي تحول بين أن تتسم ممارستنا للشورى بالصبغة الإيمانية هي عدم فهم المراد من قوله تعالى " وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينكم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا " ..

يقول صاحب ( الظلال ) :[ وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن على وجه الإطلاق وفي كل مجال فيختاروا أحسن ما يقال ليقولوه .. بذلك يتقون أن يفسد الشيطان ما بينهم من مودة فالشيطان ينزغ بين الإخوة بالكلمة الخشنة تفلت , وبالرد السيىء يتلوها فإذا جو الود والمحبة والوفاق مشوب بالخلاف ثم بالجفوة ثم بالعداء والكلمة الطيبة تأسو جراح القلوب , تندي جفافها , وتجمعها على الود الكريم .

والشيطان يتلمس سقطات الفم وعثرات اللسان , فيغري بها العداوة والبغضاء بين المرء وأخيه والكلمة الطيبة تسد عليه الثغرات , وتقطع عليه الطريق , وتحفظ حرم الأخوة آمنا من نزغاته ونفثاته ] .

فسمة من سمات عباد الله طيب القول وأسلوب من أساليب الشيطان ماكر هو إيغال الصدور بالكلمة الخشنة وبالرد السيء

هي قضية كبيرة إذا يجب أن نعي تماما فقه التعامل مع النفوس فالناس كل الناس تكره الإساءة والغلظة في القول حتى ممن تحب وتحترم وحتى ولو في ثوب عبادي محترم كالنصيحة مثلا ..

كتب الإمام النووي وهو يعلق على حديث " إنما الأعمال بالنيات ..... فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " يقول : ذلك من طيب قول النبي (ص) فقد كرر النبي (ص) القول الطيب ولم يكرر القول غير الطيب فقال " فهجرته إلى ما هاجر إليه "

وطيب القول فوق أنها نوع من الأدب الإسلامي جعلها الله لونا من ألوان الهداية .. يقول الله تعالى " إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ . وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ . "

يقول الأستاذ سيد قطب : [ أما الذين آمنوا فهم هنالك في الجنات تجري من تحتها الأنهار وملابسهم فصلت من الحرير ولهم فوقها حلى من الذهب واللؤلؤ وقد هداهم الله إلى الطيب من القول , وهداهم إلى صراط الحميد والهداية إلى الطيب من القول , والهداية إلى صراط الحميد نعمة تذكر في مشهد النعيم ] ..

وفي سورة الكهف وفي قصة موسى والعبد الصالح نجد إلماحا إلى هذا المعنى من قريب فالرجل الصالح عندما تحدث عن العيب الذي أحدثه بالسفينة قال : فأردت أن أعيبها " ونسب إرادة الفعل ( العيب ) إلى نفسه وهو مأمور بهذا الفعل من الله ولكن لفظة العيب لا يصح أن تنسب إلى الله وعندما أراد أن يتحدث في موضع آخر في نفس القصة قال : " وأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك " .. ففعل الرحمة يصلح أن يضاف إلى الله , ثم قال معقبا مبينا " وما فعلته عن أمري "

وإذا كانت الأخوة الإيمانية هي روح ممارسة الشورى فطيب قول هو الصبغة التي يجب أن تتسم مناقشاتنا في أثناء تداول الأمر بها والعلامة على أننا نمارس الشورى ممارسة إيمانية ..

د.محمد النعناعي