كن في الدنيا حثيث الخطى شريف السماع كريم النظر .. كن رجلا إن أتوا بعده يقولوا مر وهذا الأثر

الخميس، 24 ديسمبر 2009

دروس مستفادة من الهجرة 4

4 . ليس الدهاء يوصلنا بل التوكل وان نقول اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا

كلمة للأستاذ عمر التلمساني رحمه الله تمثل حقيقة هامة في العمل الإسلامي أنه ليس بالدهاء وفقط نصل وإنما التدبير وأن نتوكل ونقول اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا ..

فهي حقيقة تربط المؤمن دائما بصاحب اليد العليا في الوجود سبحانه وبحمده فمع التخطيط والتدبير المحكمين من النبي (ص) إلا أن المشركين وصلوا إليه وكل مره يصرفهم الله سبحانه وتعالى والنبي يستجلب هذه المعية بالثقة التامة فيقول لأبو بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما ..

يقول كتاب السير أن قريش أعلنت في نوادي مكة بأنه من يأتي بالنبي صلى الله عليه وسلم حيًّا أو ميتًا، فله مائة ناقة، وانتشر هذا الخبر عند قبائل الأعراب الذين في ضواحي مكة، وطمع سراقة بن مالك بن جعشم في نيل الكسب الذي أعدته قريش لمن يأتي برسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجهد نفسه لينال ذلك، ولكن الله بقدرته التي لا يغلبها غالب، جعله يرجع مدافعًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما كان جاهداً عليه.

قال ابن شهاب: وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي، وهو ابن أخي سراقة بن مالك بن جُعشم، أن أباه أخبره، أنه سمع سراقة بن جعشم يقول: جاءنا رُسُل كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، دية كل منها لمن قتله أو أسره، فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج، إذ أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس، فقال: يا سراقة إني رأيت آنفا أَسْوِدة بالساحل أُراها محمداً وأصحابه، قال سراقة: فعرفت أنهم هم: فقلت له: إنهم ليسوا بهم، ولكنك رأيت فلاناً وفلاناً انطلقوا بأعيننا، ثم لبثت في المجلس ساعة، ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي، وهى من وراء رابية فتحبسها علي، وأخذت رمحي فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزجه الأرض وخفضت عالية حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم فعثرت بي فرسي فخررت عنها، فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها، أضرهم أم لا، فخرج الذي أكره، فركبت فرسي، وعصيت الأزلام؛ تُقَرّب بي، حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت، وأبو بكر يكثر الالتفات، ساخت يدا فرسي في الأرض، حتى بلغتا الركبتين، فخررت عنها، ثم زجرتها فنهضتْ فلم تكد تخرج يديها، فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها دخان ساطع في السماء مثل الدخان، فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره، فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم، أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له: إن قومك قد جعلوا فيك الدية، وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم، وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يأخذا مني شيئا ولم يسألاني، إلا أن قال: أخف عنا، فسألته أن يكتب لي في كتاب آمن، فأمر عامر بن فهيرة فكتب في رقعة من جلد ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فالحكمة الدائمة التي نخرج بها هنا أنه لابد من التدبير ولكن لنحوط هذا التدبير بعناية الله نحتاج الثقة في أنه ليس الدهاء يوصلنا بل التوكل وأن نقول اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا

ليست هناك تعليقات: