كن في الدنيا حثيث الخطى شريف السماع كريم النظر .. كن رجلا إن أتوا بعده يقولوا مر وهذا الأثر

الأربعاء، 9 ديسمبر 2009

الشورى ممارسة إيمانية .. الجزء الثالث

آداب ممارسة الشورى ( ا )

مقدمة ..

كان الأستاذ الفاضل م/حسام (رحمه الله ) يقول : [ .. إذا كانت المشكلة في التعامل مع الآخر المخالف لنا في المرجعية أو المبدأ تكمن في الجزء الأكبر منها في البعد المعرفي ولو تم ذلك فإن المطلوب في شكله العملي يكون يسيرا ..

فإن الإشكالية الحقيقية والتي يمكن أن تحول دون أن تتسم ممارساتنا الدعوية بالسمت الرباني هو : الحالة الإيمانية القلبية التي عليها الفرد , ومدى ممارسته و خبرته الدعوية ومقدار النضج في هذه الممارسة , ثم بعد ذلك البعد الزمني المطلوب لإحداث الأثر التربوي المرجو من البرامج والمناهج والمفاهيم الدعوية .. ]

لذلك يمكننا أن نقول :

إن ممارسة الشورى بشكلها الدعوي الذي يتسم بالربانية لابد لها من آداب وضوابط تحكم هذه الممارسة وتحدث هذه النقلة بين الممارسة النظامية والممارسة الإيمانية ..

آداب ممارسة الشورى ( على سبيل المثال لا الحصر ) ..

1 . الأخوة الإيمانية

2 . طيب القول

3 . حسن الظن

1 . الأخوة الإيمانية

ثبت من خلال دراسة الواقع العملي للشركات والمؤسات التي يوجد علاقات إنسانية جيدة بين العاملين بها أنها تعطي عائد ونتاج أفضل حتى من الشركات والمؤسسات التي تتفوق عليها من حيث الضبط الإداري ..

وليس هناك ترجمة أسمى للعلاقات الإنسانية في ظل الإسلام إلا الأخوة الإيمانية والحب في الله والتي عبر عنها القرآن .. يقول الله عز وجل : إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون

والأخوة الإيمانية والحب في الله من المعاني الحسية التي لا يمكن أن يعطيها الوصف اللفظي حقها من البيان وإنما هي مشاعر تحس ومواقف تعاش فكم من قلب معاند غزاه الحب والأخوة فلان بمعانيها السامية وخشع ..

في غزوة بدر لم نعلم أن روعة هذه المعجزة الربانية وانتصار رسول الله (ص) العسكري قد فتن أحدا أو أثار إعجاب المشركين بالفكرة الإسلامية في الوقت الذي نجد فيه أن الأسرى الذين عاشوا مدة أسرهم في المدينة في بيوت الأنصار تغزوا قلوبهم معاني الأخوة المتمثلة في أحد مظاهرها وهي الإيثار فيقولوا : بارك الله في الأنصار كانوا يأكلون التمر ويأثروننا بالخبز .. ويدخل السواد الأعظم منهم في الإسلام متأثرين بهذه العاطفة حتى قال النبي (ص) : ” إن الله ليعجب من قوم يساقون إلى الجنة بالسلاسل ” ..

والملاحظ أنه عند وجود ضعف في الضبط الإداري في المؤسسة أو عند تفاوت الأفهام والخبرات فإنه لابد وأن يحدث تضارب في الجهود وتكثر الأخطاء ولكن يبقى هناك بشكل أو بآخر إنتاج ملحوظ ويبقى للأفراد القدرة على الإتيان بمبادرات فردية مؤثرة ..

ولكن إذا غابت " الأخوة الإيمانية " فإن الإنتاج يتضائل بشكل ملفت للنظر حتى يكاد ينعدم ويضيع الوقت في المنازعات والمخاصمات وتتقلص قدرة الأفراد على المبادرات الفردية ثم ترفع الرحمة عن الصف ويوكل إلى قدراته وإمكانياته ويحرم من التوفيق .. " إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون ".

" وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين "

وفي صحيح البخاري أن رسول الله (ص) خرج ليخبر بخبر ليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين , فقال : " إني خرجت لأخبركم بخبر ليلة القدر وإنه تلاحى فلان وفلان فرفعت "

وفي رواية مسلم : " أنهما كانا يتحاقان " أي كان كل منهما يدعي أنه المحق دون صاحبه ..

التدوينة القادمة : من آداب الشورى طيب القول

د. محمد النعناعي