كن في الدنيا حثيث الخطى شريف السماع كريم النظر .. كن رجلا إن أتوا بعده يقولوا مر وهذا الأثر

الاثنين، 14 ديسمبر 2009

الشورى ممارسة إيمانية .. الجزء الثالث

آداب ممارسة الشورى 2

طيب القول ..

من الآداب الهامة في ممارسة الشورى طيب القول أو إن شئت قلت من أحد أهم المعوقات التي تحول بين أن تتسم ممارستنا للشورى بالصبغة الإيمانية هي عدم فهم المراد من قوله تعالى " وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينكم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا " ..

يقول صاحب ( الظلال ) :[ وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن على وجه الإطلاق وفي كل مجال فيختاروا أحسن ما يقال ليقولوه .. بذلك يتقون أن يفسد الشيطان ما بينهم من مودة فالشيطان ينزغ بين الإخوة بالكلمة الخشنة تفلت , وبالرد السيىء يتلوها فإذا جو الود والمحبة والوفاق مشوب بالخلاف ثم بالجفوة ثم بالعداء والكلمة الطيبة تأسو جراح القلوب , تندي جفافها , وتجمعها على الود الكريم .

والشيطان يتلمس سقطات الفم وعثرات اللسان , فيغري بها العداوة والبغضاء بين المرء وأخيه والكلمة الطيبة تسد عليه الثغرات , وتقطع عليه الطريق , وتحفظ حرم الأخوة آمنا من نزغاته ونفثاته ] .

فسمة من سمات عباد الله طيب القول وأسلوب من أساليب الشيطان ماكر هو إيغال الصدور بالكلمة الخشنة وبالرد السيء

هي قضية كبيرة إذا يجب أن نعي تماما فقه التعامل مع النفوس فالناس كل الناس تكره الإساءة والغلظة في القول حتى ممن تحب وتحترم وحتى ولو في ثوب عبادي محترم كالنصيحة مثلا ..

كتب الإمام النووي وهو يعلق على حديث " إنما الأعمال بالنيات ..... فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إمرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه " يقول : ذلك من طيب قول النبي (ص) فقد كرر النبي (ص) القول الطيب ولم يكرر القول غير الطيب فقال " فهجرته إلى ما هاجر إليه "

وطيب القول فوق أنها نوع من الأدب الإسلامي جعلها الله لونا من ألوان الهداية .. يقول الله تعالى " إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ . وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ . "

يقول الأستاذ سيد قطب : [ أما الذين آمنوا فهم هنالك في الجنات تجري من تحتها الأنهار وملابسهم فصلت من الحرير ولهم فوقها حلى من الذهب واللؤلؤ وقد هداهم الله إلى الطيب من القول , وهداهم إلى صراط الحميد والهداية إلى الطيب من القول , والهداية إلى صراط الحميد نعمة تذكر في مشهد النعيم ] ..

وفي سورة الكهف وفي قصة موسى والعبد الصالح نجد إلماحا إلى هذا المعنى من قريب فالرجل الصالح عندما تحدث عن العيب الذي أحدثه بالسفينة قال : فأردت أن أعيبها " ونسب إرادة الفعل ( العيب ) إلى نفسه وهو مأمور بهذا الفعل من الله ولكن لفظة العيب لا يصح أن تنسب إلى الله وعندما أراد أن يتحدث في موضع آخر في نفس القصة قال : " وأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك " .. ففعل الرحمة يصلح أن يضاف إلى الله , ثم قال معقبا مبينا " وما فعلته عن أمري "

وإذا كانت الأخوة الإيمانية هي روح ممارسة الشورى فطيب قول هو الصبغة التي يجب أن تتسم مناقشاتنا في أثناء تداول الأمر بها والعلامة على أننا نمارس الشورى ممارسة إيمانية ..

د.محمد النعناعي

ليست هناك تعليقات: