كن في الدنيا حثيث الخطى شريف السماع كريم النظر .. كن رجلا إن أتوا بعده يقولوا مر وهذا الأثر

الجمعة، 29 أبريل 2011

سعة الصدر .. ثوابت إيمانية

المعنى الأول .. إجعل الله غايتك



ونحن في غمار سعينا اليومي في جنبات العمل الدعوي ليس أولى ونحن نقترح وننصح ونفكر ونبدع وحينما نُنصح وننتقض ونُلام أحيانا وما يشوب ذلك من تجاوز غير مقصود أو تسرب لطبع بشري لناقض غير معصوم بين أسطر نقضه وفي فلتات لسانه أن تسع صدورنا هذا وأن يكون شعارنا الملازم لنا:


الله غايتنا



وحينما نقرأ قول الله عز وجل :


﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى


فإنها تضع بين أيدينا سبيلا لتحقيق التقوى من خلال ممارستنا الدعوية حينما يكون الله غايتنا ..


يقول الأستاذ سيد قطب :


(من الميثاق الذي واثق الله به الأمة المسلمة , القوامة على البشرية بالعدل , العدل المطلق الذي لا يميل ميزانه مع المودة والشنآن ولا يتأثر بالقرابة أو المصلحة أو الهوى في حال من الأحوال العدل المنبثق من القيام لله وحده بمنجاة عن سائر المؤثرات والشعور برقابة الله وعلمه بخفايا الصدور ومن ثم كان هذا النداء .. وهي مرتقى أصعب وأشق على النفس لأن النفس البشرية لا ترتقي هذا المرتقى إلا حين تتعامل مع الله متجردة عن كل ما عداه ..


وما من اعتبار من اعتبارات الأرض كلها يمكن أن يرفع النفس البشرية إلى هذا الأفق ويثبتها عليه .. وما غير القيام لله , والتعامل معه مباشرة , والتجرد من كل اعتبار آخر يملك أن يستوي بهذه النفس على هذا المرتقى )


في ظلال القرآن



وإن التذكير هنا بشواهد الإخلاص ومراجعة النية وصيانة القلب من إلتباث الشهوة الخفية بالحق الواضح لن يكون خروجا عن السياق وإنما تأكيدا على أهم عناصر الممارسات الدعوية على الإطلاق


}فبالاخلاص تكون الأعمال والأقوال , تكون العبادة والتعليم والتعلم , يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, يكون الانفاق والاحسان يكون الجهاد والبذل والتضحية , يكون كل ذلك في ميزان العبد يوم القيامة , فدعاة الاسلام مدعوون للخروج من ذواتهم وحظوظ أنفسهم , مدعوون الى تنقية السرائر قبل الظواهر, فكم من أعمال كبيرة أفسدتها خواطر صغيرة وكم من مكابدة ومجاهدة ضيعتها رغبات مشوبة فاسدة ..


وهذا مناط قوله صلى الله عليه وسلم: " إن أخوف ما اخاف عليكم الشرك الأصغر. قالوا: وما الشرك الأصغر يا رسول الله؟ قال: الرياء، يقول الله عز وجل اذا جزى الناس بأعمالهم: اذهبوا الى الذين كنتم تراءون في الدنيا فانظروا هل تجدون عندهم جزاء" رواه أحمد باسناد جيد.


وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال .. قال رجل يا رسول الله : اني أقف الموقف أريد وجه الله ، وأريد أن يرى موطني.. فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزلت الاية :


" فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا { "


قوارب النجاة في حياة الدعاة فتحي يكن


ومن المأثور عن نبي الله عيسى عليه السلام قوله : كم من سراج أطفأته الريح وكم من عبادة أفسدها العجب .


وخرج الإمام أحمد وأبو داود من حديث معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الغزو غزوان فأما من ابتغى وجه الله وأطاع الإمام وأنفق الكريمة وياسر الشريك واجتنب الفساد فإن نومه ونبهه أجر كله وأما من غزا فخرا ورياء وسمعة وعصى الإمام وأفسد في الأرض فإنه لم يرجع بالكفاف " .


وخرج أبو داود من حديث عبدالله بن عمرو , قال : قلت يا رسول الله أخبرني عن الجهاد والغزو فقال :" إن قاتلت صابرا محتسبا بعثك الله صابرا محتسبا وإن قاتلت مرائيا مكاثرا بعثك الله مرائيا مكاثرا على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله بتلك الحال " .



وقال ابن مسعود : لا تعلموا العلم لثلاث لتماروا به السفهاء أو لتجادلوا به الفقهاء أو لتصرفوا وجوه الناس إليكم وابتغوا بقولكم وفعلكم ما عند الله فإنه يبقى ويذهب ما سواه .


وما أحوجنا ونحن نعرض أفكارنا وتقابل بالرفض ألا نبتأس لذلك وألا نجد في أنفسنا بل نفرح بمثل حديث رسول الله في صحيح مسلم ..


عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :" إن الغزاة إذا غنموا غنيمة تعجلوا ثلثي أجرهم فإن لم يغنموا شيئا تم لهم أجرهم "


فإذا أصاب رأيك قبولا وثناء وتقديما فخير هو واحمد الله وعالج قلبك وألزمه طلب ما عند الله وإن كان غير ذلك فهو خير لك وتمام لأجرك ।


د/محمد النعناعي


ليست هناك تعليقات: